منذ الطفولة، نُقارن بلا وعي: هذا أذكى، ذاك أسرع، تلك أجمل. نكبر ويكبر معنا هذا الصوت الداخلي الذي يُقيس قيمتنا بمقارنة دائمة بالآخرين. نفتح وسائل التواصل، فنرى حياة مثالية… ونسأل: “لماذا ليس لدي مثلهم؟”.

المقارنة ليست دائمًا سيئة. أحيانًا تلهمنا، تدفعنا للتطوير، وتكشف لنا إمكانيات جديدة. لكنها تصبح سامة عندما تتحول إلى معيار للرضا عن الذات، حين نربط قيمتنا بما لدى غيرنا، لا بما نحن عليه.

الواقع أن كل إنسان يسير في طريق مختلف، ويعيش ظروفًا فريدة. لا أحد يملك نفس الخلفية، ولا نفس التحديات، ولا نفس التوقيت. ما يبدو نجاحًا سريعًا للآخرين، قد يكون وراءه سنوات من العمل أو حتى حظًا لا يُرى.

حين نقارن، نختزل أنفسنا إلى نتيجة واحدة: دخل، مظهر، شهرة… وننسى الجوانب الأخرى التي لا تُقاس: اللطف، الصبر، القيم، والرحلة الشخصية.

الحل؟ أن نستبدل المقارنة بالملاحظة. أن نُعجب دون أن نُحبط. أن نتعلّم دون أن نُقلّل من أنفسنا. أن نُركّز على ما نملكه، لا على ما ينقصنا. فالأمان الحقيقي لا يأتي من اللحاق بالآخرين، بل من التصالح مع النفس.

قارن نفسك بما كنت عليه أمس، لا بما عليه غيرك اليوم. فهذه هي المقارنة الوحيدة التي تستحق.